التوحيد والنور: آخر مراكز التسوق المصرية على الطريقة الكلاسيكية في القاهرة
Muhammad Nasr
تعرفوا أن كلمة مول Mall مشتقة من كلمة “مال” باللغة العربية والكلمة دي معناها مركز تسوق تجاري؟ علشان بـ تصرف فلوس كثير في الأماكن دي على حسب ثقافة أهل الخليج واللي بـ ييجي لنا منه.
مراكز التسوق التجارية في مصر موجودة من زمن من أوائل القرن العشرين اللي بدأها “صيدناوي” و”شملا” و”شيكوريل” و”شركة بيع المصنوعات” و”عمر أفندي” وكثير من مراكز التسوق التجارية اللي مازالت فاتحة لغاية دلوقتي بس بقى ده حال الزمن (الحلو لما تبهدله الأيام)، مراكز التسوق دي لها طريقة معينة في عرض السلع والبيع والشراء وشكلها الداخلي في الديكور وغيره، يعني إحنا الأصل.. أم الأجنبي، وأخيرًا وليس آخرًا عملاق مراكز التسوق المصرية اللي هـ نكلمكم عنه وهو “التوحيد والنور” اللي يعتبر ظاهرة بحد ذاتها في أنه مازال محتفظ بمركزه بين المراكز التجارية وعلى الطريقة الكلاسيكية المصرية.
تأسست سلسلة محلات التوحيد والنور في أواخر السبعينيات في عهد الانفتاح الاقتصادي بمصر لصاحبه رجب السويركي اللي بـ يديره بشكل مركزي رغم ضخامة عدد الفروع اللي بـ يوصل عددها بالتقريب في القاهرة الكبرى إلى 50 فرع -في عين العدو- ومازالت الفروع في تزايد مستمر (ما شاء الله).
لما بحثنا عن التوحيد وزرنا أكثر من فرع في أماكن مختلفة لاحظنا أن الفروع تختلف جودة السلع فيها على حسب المنطقة اللي موجودة فيها وكمان متوسط الأسعار بـ يختلف من مكان للثاني يعني السلع والأسعار تتناسب طرديًا مع مستوى المعيشة (إيه الكلام الكبير ده).
التوحيد والنور لغاية اللحظة الحالية ما عندوش قاعدة بيانات على الكمبيوتر ووجود التكنولوجيا في الفروع يقتصر على ماكينة الكاشير وبس، وده معناه أن كل سلعة بـ تدخل أي فرع بـ تتأيد بالطريقة الكلاسيكية بالورقة والقلم، الله أعلم هل ده أدق من الكمبيوتر ولا كنوع من التوفير ولا كنوع من مبدأ البركة؟ لكن المتأكدين منه أن كل فتفوتة في كل فرع من فروع التوحيد والنور متأيدة ومعروف مكانها بالضبط وعددها وإيه المتوافر منها.
السلع في محلات التوحيد والنور مقسمة ما بين أدوات رياضية ومفروشات وملابس رجالي وملابس حريمي وأحذية وأجهزة منزلية وكل قسم من الأقسام دي بـ ينقسم إلى فروع أكثر تحديدًا واللي بـ يضموا تقريبًا كل حاجة، يعني مثلًا الأدوات الرياضية هـ تلاقوا فيها تي شيرتات الأندية (مش الأصلية) والمنتجبات مع أدوات رياضة كمال الأجسام وبقية الأدوات الرياضية زي المضارب بأنواعها وحاجات ثانية، وده بـ ينطبق على كل قسم من الأقسام الباقية اللي بـ تضم كل حاجة وبمختلف الأسعار وبمستويات جودة مختلفة، كمان طريقة العرض تقليدية جدًا والأغرب أن كل بائع واقف أمام فرع في كل قسم حافظ كويس وعارف أماكن السلعة اللي هو بـ يقدمها بمختلف أسعارها وأحجامها وبمجرد ما تطلب السلعة دي بـ يجيبها ويكتب بها زي فاتورة علشان تدفعها في الخزينة اللي بـ تكون موجودة في الدور الأرضي، بعد ما تدفعوا ثمن السلعة اللي أنتم اشتريتوها بـ تروحوا لمكان التسليم وده عبارة عن طرقة فيها من 3: 6 عمال بـ يكون عندهم كل السلع اللي الناس اشتروها وبـ تقدموا لهم الفاتورة بعد الدفع يسلمكم السلعة بتاعتكم مصانة من غير خدش ولا بهدلة ولا أي حاجة.
العمال في محلات التوحيد والنور أذكياء ودقيقين ومعاملتهم ودودة مع الناس والزبائن لكن زي ما بـ يقولوا “لكل قاعدة شواذ” بعضهم بـ يكونوا مفتقدين الحاجات دي، سلسلة المحلات توزيعها الجغرافي غريب شوية في أنها تقريبًا بـ تغطي 60% من القاهرة يعني مثلًا منطقة زي الهرم وفيصل محلات التوحيد والنور مغطياها بشكل كبير لدرجة أنكم لو من سكان المنطقة هـ تختاروا الأقرب لكم وأكيد ده وراءه دراسة جغرافية كويسة مش مجرد افتح محلات وخلاص.
ظاهرة التوحيد والنور فريدة من نوعها وده علشان أكثر من سبب: أولهم السلع اللي بـ يوفروها اللي بـ تناسب عقلية وذوق المستهلك المصري يعني زي ما بـ يقولوا في المقولة الشهيرة “من الأبرة للصاروخ” كمان هـ تلاقوا أن الأسعار لها علاقة بالجودة يعني كل ما السعر يكون أعلى كل ما الجودة تبقى أحسن، يعني ببساطة اللي أنتم عاوزينه هـ تلاقوه وبالسعر اللي يناسبكم كمان.
بالرغم أن الشكل العام داخل أى محل من محلات التوحيد والنور هـ تلاقى أن كل حاجة ماشية كده من غير تخطيط ولا حاجة إلا أن ده مش صح، ترتيب السلع وأماكنها وتوزيعها بـ يدل أن فيه حد عارف كويس هو بـ يعمل إيه وفاهم عقلية وثقافة المستهلك المصري كويس.