باب كنيسة في جامع.. سر المدخل العجيب لمدرسة الناصر بشارع المعز
آثار القاهرة العمارة الإسلامية باب كنيسة تاريخ المماليك تحرير عكا جامع مملوكي شارع المعز مدرسة الناصرCairo 360
الصورة: إبراهيم قاسم
في شارع المعز بوسط القاهرة، هتلاقي مدرسة وقبة السلطان الناصر محمد بن قلاوون، اللي مش مجرد أثر تاريخي أو مكان لتدريس الفقه على المذاهب الأربعة. الحكاية هنا بتبدأ من جامع مدخله في الأصل كان باب كنيسة، والباب ده مش عادي، ده رمز لتحرير عكا من الصليبيين، آخر معاقلهم في الشام، على إيد السلطان الناصر.
جامع بباب كنيسة
القصة بدأت لما الملك العادل زين الدين كتبغا بنى المدرسة، وصممها بواجهة مزينة بطراز مذهّب، لكن المفاجأة كانت في الباب الرئيسي. الباب ده أصله كان في كنيسة بعكا، ولما الأشرف خليل بن قلاوون فتح عكا سنة 690 هـ/1291م، قرر ينقل الباب للقاهرة بأمر من السلطان قلاوون، ويكون شاهد على انتصار المسلمين.
الناصر محمد بن قلاوون، تاسع سلاطين الدولة المملوكية، كان محارب شجاع ومصلح كبير. رغم صغر سنه، خاض حروب ضد الصليبيين والمغول، وحاول ينقذ الدولة من الفساد. مصر في فترة حكمه الثالثة عاشت نهضة عمرانية وحضارية مبهرة، والبلاد كلها كانت بتحترم مكانتها.
بدأ حكمه بعد مقتل أخوه الملك الأشرف خليل، وهو لسه طفل عنده 8 سنين، لكن السلطنة ما فضلتش معاه كتير بسبب صغر سنه. كتبغا خلع الناصر واستولى على العرش سنة 694 هـ/1294م، لكنه قُتل بعد سنتين.
لما الناصر كبر شوية ورجع للسلطنة عنده 14 سنة، كان عنده طموح كبير لتحرير البلاد من الصليبيين والفساد. مصر وقتها بقت مركز عالمي، والناصر نفسه أخد لقب “خادم الحرمين الشريفين”. كان اسمه بيتقال على منابر بغداد، ونقوده بتتعامل بيها بلاد زي تونس وآسيا الصغرى.
واجهة بتحكي التاريخ
مدرسة الناصر محمد اتبنت على نظام مملوكي اسمه “التخطيط المتعامد”. عبارة عن صحن مكشوف حواليه 4 إيوانات، كل واحد مخصص لتدريس مذهب من المذاهب الأربعة. أهمهم إيوان القبلة، اللي فيه محراب بزخارف جصية مبهرة، وعمودين رخاميين جمالهم لا يوصف.
كمان المدرسة فيها قبة، دفن فيها ابن السلطان ووالدته. القبة مزينة بخشب منقوش وزخارف تحكي روعة الفن المملوكي. القبة والمدرسة كانوا بيتوصلوا بممر عليه سقف مزخرف، لكن الإيوانات المتبقية دلوقتي هما القبلة والإيوان المقابل ليها.
أغرب حاجة في المدرسة هي الباب الرخامي اللي مدخله مختلف تمامًا عن العمارة الإسلامية. الطراز القوطي للباب كان شاهد على كونه من كنيسة في عكا، ولما اتحررت المدينة، الباب ده اتنقل للقاهرة عشان يبقى ذكرى الانتصار العظيم.
واجهة المدرسة اتبنت بالحجر، ولسه فيها تفاصيل مبهرة زي الشبابيك المزينة والعقود المنحوتة في الحجر، وفيها كمان مقرنصات وشرفات مسننة، وكله مكتوب عليه اسم السلطان الناصر محمد. الباب ده مش مجرد مدخل، ده بوابة بتفتح على صفحات من تاريخ تحرير عكا وأمجاد المماليك.