وسط البلد التي لا تنقضي عجائبها! واضح أن إحنا كل ما نفكر أننا جبنا آخرها في مساحة ما هتفاجئنا بجديد مدهش يخلينا نعرف حجمنا قدام مستودع الأسرار الحي، ومخزون التجارب اللي مالوش آخر.
المرة دي التجربة غرابتها في شكلها أكتر بكتير جدًا من طعمها، على ناصية من نواصي أحد الشوارع الفرعية في باب اللوق هنلاقي المحل اللي عدينا عليه كتير في جولاتنا المتعددة في وسط البلد لكن الظاهر أن الواجهة الرئيسية اللي أشبه بواجهة محل موبيليا أو تحف كانت دايمًا واقفة حاجز بيننا وبين خوض تجربة في المكان رغم اليافطة المضيئة الكبيرة اللي بتقول أنه مطعم مش أي حاجة تانية، لكن في الآخر الفضول قال كلمته، ولقينا رجلنا ساحبانا لحد بوابة المطعم، وآدي البداية!
دخلنا المطعم اللي شكله الداخلي مايختلفش كتير في الغرابة عن واجهته بالديكور الأثري والكراسي والترابيزات الخالية من البشر تقريبًا وإن شذ عن الصورة –اللي كلها من الماضي- التليفزيون اللي بيتوسط ظهر حائط الواجهة بأغانيه العصرية الحركية الخفيفة والمزعجة!
حبينا ناخد راحتنا أكتر في التجربة وقلنا نسيب الدور الأول فاضي على الرجل المسن وزوجته في الترابيزة اللي بتتوسط الصالة، وناخد لنا دور لوحدنا –المحل كان فاضي ومن حقنا نتأمَّر بقى-لكن لماطلعنا الدور الثاني عرفنا أنه مش شغال لا هو ولا الدور الثالث، وده زاد استغرابنا شوية من وجود مطعم بالضخامة دي على مافيش تقريبًا!
أول ما جالنا المسؤول عن الخدمة –اللي كان باين عليه مستغرب من وجودنا- طبعًا مافتناش نعلق على فكرة أن كل واجهة من واجهتي المطعم واخدة لها اسم مختلف، هو ده حاتي الجيش يا سيدي وللا مطعم عمارة؟ وكان رده أنه الاتنين في واحد، وشرح لنا القصة باستعجال اللي بتقول أن الاسم الأول للمطعم الأثري كان “حاتي الجيش”، لكن الاسم تم استخدامه كتير وبقى مستهلك فقرروا يغيروه ويختاروا اسم مختلف وحركي، فبقى اسمه “عمارة”، لكن المضحك أن الاسم الأول فضل موجود برضه، الظاهر أهل المطعم كان على عينهم موضوع تغيير الاسم ده، فقال لك نقسم البلد نصين، ونسمي المطعم اسمين!
المنيو كان فيه تلات أركان رئيسية غير المقبلات والحلو والمشروبات، مشاوي، وطواجن، وعجاين.. ده اختصر علينا حيرة الاختيار، وطلبنا -كأطباق رئيسية- طاجن لحمة بالبصل (40 جنيه)، وربع طرب (55 جنيه)، وممبار محشي أرز (20 جنيه) كمقبلات، بالإضافة لطبق سلطة خضراء (15 جنيه)، ومايفوتناش نقول لكم أن أكتر حاجة لفتت انتباهنا في المنيو كانت الجملة العريضة في آخره اللي بتقول: “حاتي الجيش هو عمارة وعمارة هو حاتي الجيش” !
الأكل ماوصلش بعد كتير، لكن تخلل فترة الانتظار “هزار” من المسؤول عن الخدمة على فترات، هزار أفلام أبيض واسود لكن اشطة مايضرش!
نبدأ كلامنا عن الأكل بالسلطة كونها أول الأطباق وصولًا وأكثرها شذوذًا! ماكانش في أي توازن بين المكونات ولا أحجامها، خالية من الطماطم تقريبًا ومليانة شرايح بصل بأحجام أكبر من بقية المكونات، تحسها سلطة عربية فول شعبية أكتر منها سلطة مطاعم!
بعدين نروح على طبق المقبلات المتمثل في صوابع الممبار المحشية بالأرز، اللي كانت خالية من مشكلة الزيت المعتادة لكن ماسلمتش من مشكلة الدبلان.
أما طاجن اللحمة بالبصل فهو كان طاجن بصل باللحمة مش العكس، تلات قطع لحمة صغيرين والباقي شرايح بصل كبيرة وكثيفة، وده خلانا نحس بمشكلة شوية في الكميات المقدمة وتناسبها مع الأسعار، لكن في كل الأحوال لحم الطاجن كانت درجة تسويته مظبوطة وطايب تمام، وواخد الريحة اللي بتحببنا في الطواجن كمزاجنجية أكل.
بالنسبة للطرب كان مستوي وواخد لون الحَمَار الزايد اللي كان منعكس على الريحة اللي تدوَّخ من جمالها، المشكلة الوحيدة في الطبق أنه كان في حتت دسمة جدًا جدًا، وحتت لأ خالص، فاللي هو لا إحنا نابنا طبق خفيف وصحي نسبيًا، ولا نابنا طبق يقفل التانك!
في ختام تجربتنا نقدر نلخصها في أنه المطعم بطابعه القديم وشكل الخدمة فيه أنسب أكتر لخروجات للعائلات خصوصًا اللي بيكون فيها راس كبيرة، لكن الموضوع مش هيبقى ملائم أوي لقعدة صحاب أو لمّة أُنْس.