-
روايات
-
من الآن
-
عربي عربي
-
20 EGP
-
مكتبات وسط البلد
Rasha Zeidan
يا ترى لو صحيت من النوم وأنت فاقد للذاكرة هتعمل إيه؟ تخيل كده نفسك مش فاكر أي حاجة خالص، ولا حتى عارف اسمك إيه ولا أنت مين، إحساسك هيبقى عامل إزاي وأنت فاقد أهم حاجة بتخلينا نعيش.. وهي (الذكريات).. الحدوتة النهارده في رواية "نوستاليجا" صعبة، وأسامة الشاذلي بيصعبها علينا أكتر.. الحدوتة مع شاب اسمه (نديم عبد الرحمن جودت) في الثلاثينيات، صحي الصبح فاقد للبصر وللذاكرة.
لما تصحى تلاقي نفسك وحيد في بيتك وأنت صحتك كويسة.. بتبقى حاسس أنك متضايق، أما لو صحيت وحيد وأنت أعمى وفاقد للذاكرة، دي من أقسى الحاجات اللي ممكن الإنسان يتخيلها عن إنسان تاني، فما بالك لو الشخص ده هو أنت؟
أسامة عامل فكرة حلوة وكمان كاتب بطريقة تشدك، نقدر نقول إنه عامل رواية للشباب وللي بيدور على كتاب لغته بسيطة، لغتها بسيطة وسهلة وهادية كمان أحداثها مافيهاش صخب ومطاردات، دي رواية بتمزج بين الاجتماعي والنفسي والإنساني، مزيج ثلاثي كده بيخليك متعاطف مع بطل الرواية واللي بيحكي لك عن طريق تقنية (الفلاش باك) حاجات كتير لها علاقة بحياته.
الرواية مش معتمدة على اللغة القوية ولا على فكرة الصورة اللي تشدك، يعني مش معتمدة على التصور البصري، قد ما هي معتمدة على السرد وبس، كأن حد بيحكي لك حدوتة طول الوقت وماشي معاك فيها خطوة بخطوة، علشان يوصل لك المعلومة عن الشخصيات.
الرواية قدمت صور مختلفة، وده بيبان لما يقرر الشاذلي يرمي تشبيه في النص، وبالذات وصفه في أول الرواية عن "نديم" وهو بيتعامل مع حواسه الأربعة اللي باقيين، وكأنه طفل بيتعلم من جديد، لازم نحيي الروائي أسامة الشاذلي على بساطة وأهمية موضوع الرواية، لأن ناس كتير اتكلمت عن النوستاليجا وصفحات على الفيس بوك وبرامج تلفزيون، كلها كانت بتعتمد تقريبًا على نفس المادة، على صور زمان وإعلانات زمان وبرامج زمان، لكن أنك تلعب على النوستاليجا من منطقة مختلفة، إنك تخلي شخص من خلال حواسه يبدأ يفتكر اسمه وتتجسد الصور في ذاكرته براحة، ويواصل اكتشاف حياته بالتدريج.. وكأن الصور ورق كوتشينة بيترمي قدامه فيفتكر (صورة والدته – صورة والده – لقطة وهو في المدرسة) وكمان الربط اللي بيعمله أسامة بين الحواس والذكريات بيخليك وأنت بتقرأ مهتم بكل التفاصيل زى مثلًا (صوت اشتعال الغاز في سخان الحمام) ده بيفكره بوالدته لما كانت بتناديه يخرج علشان يلحق المدرسة… (رائحة عطر شمها) بتفكره برائحة عطر زوجته القديمة واللي حصل بينهم انفصال.. وخد من ده تفاصيل كتير، مش هنحرق الرواية وهنسيبكم تكملوها مع رحلة الذكريات.