-
ديوان شعر
-
من الآن
-
عربي عربي
-
15 EGP
-
مكتبات وسط البلد
Samah Nageh
“مواويل الثرى” ديوان شعر بالفصحى، للشاعر محمد على إبراهيم، بـ يضم الديوان 27 قصيدة، كل القصائد بـ تتكلم عن الموت.. طبعًا ممكن ييجي فى بالكم دلوقت الألم والفراق وحاجات كثير محزنة، لكن فى الحقيقة الديوان ما نظرش للموت على أنه شيء صعب على النفس! بالعكس كل قصائد الديوان عبارة عن تأملات وملاحظات قد تغيب عن بالنا.. ببساطة “مواويل الثرى” عبارة عن بستان فيه نوع واحد من الزهور ولكن متعددة الألوان!
بدأ محمد على إبراهيم الديوان بمفتتح يجعل من الموت حاجة بسيطة خالص (زى شكة الدبوس) فبـ يقول: ماذا سأفقدُ حين أموت
سوى انتظاري للغربلة الأخيرة؟…
وكأنه عاوز يقول كل شيء ممكن تتمسك به فى الحياة وتقضى عمرك فى السعى إليه ما يكونش له أى قيمة فى ساعة الموت وفى المفتتح ده اختصر الشاعر كلام كثير.
بعد كده بـ يبدأ الشاعر الديوان بقصيدة بعنوان “عين ميت” وبـ يقول فى بدايتها:
أراكم جيدًا
تنسحبون من محيط القبرِ،
وجارةٌ عقيم؛
تحاولُ أن تُقنِعَ امرأةً
تبكي عليَّ بأن
“الحيَّ أبقى من الميتِ”
وفى هذا النص بـ يبدأ الميت لحظة ترقبه لمن كانوا حوله، وهنا الشاعر بـ يغير فكرة أن الميت بعد نزوله القبر بـ يفكر فى ذنوبه وبـ يستعد للحساب وبـ يكمل ببساطة استقابله للموت وبـ يقول:
وكنتُ أضحكُ،
والملاك الأيسرُ
يخبرني بالذنوبِ،
وملاكٌ – طيبٌ – أيمن
اجتهدَ كثيرًا
ليكتشفَ شيئًا ايجابيًّـا
صنعتُه في حياتكم.
دائمًا لما بـ تيجي أمامنا سيرة ملكي الحساب بـ نبقى فى حالة خوف شوية لكن فى النص الوضع بـ يختلف وبـ يلقى الشاعر الضوء على جانب مهم فى الموت وهو ملاك اليمين اللى بـ يبحث للميت عن حسناته وهو على عكس الواعظين اللي دائمًا بـ يخوفونا من الموت ويقولوا لنا: “هـ تعملوا إيه لما تبقوا بين أيدى ملائكة الحساب؟”، علشان كده بالرغم من أن قصائد الديوان بـ تتناول فكرة الموت إلا أنه بـ ينشر فى نفس القارىء الطمأنينة والتفاؤل.
النص الثاني فى الديوان بعنوان ” وصية” و لما نسمع كلمة الوصية ممكن قلبنا يتقبض شوية وعيوننا تستعد للدموع، لكن فى النص الشاعر بـ يخرج عن المألوف تمامًا وبـ يخليك فى حالة من الاندهاش ممكن تدوم بعد النص، فهـ نلاقي الشاعر بـ يقول:
أشار صديقٌ
بقراءة وصيتي
“ستجدون بجواري
علبةً بها عجين
من العجوة والثوم،
لُفُّوا بها جسدى جيدًا”
ما لم أكتبْه في الوصية
أن الدودَ لا يحب العجوة َ
كما أنني لا أطيقُ
أن تلتهمني دودة سخيفةٌ
هـ نلاحظ فى الديوان قلة الجمل الإنشائية ولكن بـ يحل محلها الجمل الصادمة أحيانًا والمدهشة فى أحيان أخرى وده ممكن نلاحظه جدًا فى نص “مقهى الميتين” واللى بـ يقول فيه الشاعر:
القبر ؛
مكان ملائم للحديث
عن الذكريات،
وتبادُل الضحكات
والميتون يتحدَّثون عن الحروب.
كنتُ صامتًا،
فاستوقفَ صمتي ميتٌ قديم
شارِكْنا الحياة يا ميتُ
وهنا بـ يتضح لنا أن الخيال الكلى فى النصوص هو البطل الأكبر بمصاحبة الإدهاش فى فكرة كل نص يعنى ببساطة فى الديوان ده مش هـ تقدر تمنع نفسك من الاندهاش والمتعة فى كل نص.
ولو تكلمنا عن اللغة هـ نلاحظ على طول الديوان بساطة التركيب حتى وإن كان يعبر عن شىء “جلل” وهو الموت، وهـ نلاحظ اختفاء الألفاظ الغريبة ماعدا كلمة “غنج” وهى عنوان نص ومعناها الدلال المفرط وليونة اللسان فى الكلام.
فى النهاية ممكن نقول: أن محمد على إبراهيم فى الديوان ده “جعل من الموت كوكبًا مغريًا للاكتشاف”.