أقدم قهوة وأحلى تجربة
Lena Alsayegh
«قهوة الفيشاوي» هي البيج بوس بتاع
القهاوي في القاهرة. من أكتر من 250 سنة و«الفيشاوي»
مضيفة لأغلب الفنانين والأدباء والموسيقيين والطلاب والمفكرين، بما فيهم الأديب
المصري «نجيب محفوظ». اللي كان دايماً بـ يقعد يكتب هناك أجزاء من الثلاثية
المشهورة بتاعته. ده غير «أحمد رامي» كاتب أغاني «أم كلثوم» اللي كان من رواد «الفيشاوي»
هو كمان. حتى «الملك فاروق» مرة راح وقعد في ركن من أركان القهوة.
اللي
إبتدى بيه راجل واحد كطريقة لإستضافة اصدقائه وولاد حتته، بقى دلوقتي مؤسسة شعبية.
“الفيشاوي الكبير” كان متعود إنه يعمل تجمعات لأصحابه في زقاق ضيق في
خان الخليلي ويقدم لهم قهوة كل يوم بعد آذان المغرب. بعد ما التجمعات إبتدت تكبر
وبقت قعداته هي سيرة البلد كلها، المكان كله إتحول وبقى «قهوة الفيشاوي»، ومن
ساعتها وهي على الحال ده.
الأجيال
في «قهوة الفيشاوي» كانوا دايماً بـ يحاولوا يحافظوا على نفس السحر القديم اللي بـ
يمثل تاريخ مصر. ورغم ده كله القهوة صغيرة جداً، ومليانه بكراسي مزاحمة بعضها عشان
تستوعب أكبر عدد ممكن من الناس، ده غير الكراسي والترابيزات اللي محطوطة في الشارع
قدام القهوة.
صِغَر
المساحة متعَوَض في روح القهوة اللي بـ تبان في المرايات الكبيرة بتاعتها، تفاصيل
المشربيات والنجف القديم اللي عليه تراب، وإنها مفتوحة كده منها على الشارع على
طول من غير لا أبواب ولا شبابيك. حتى قرون الغزال والتماسيح اللي مزينة الحيطان
الصفرا، وصفحات الجرايد اللي متبروزة ومكتوب عليها تاريخ القهوة أو السيرة الذاتية
بتاعة “الفيشاوي الكبير”.
المنيو
منيو قهوة بلدي عادية بإستثناء الأسعار فيها عصاير فريش (مانجو، فراولة، رمان،
ليمون، وكوكتيل فواكه)، العصير بحوالي 10 جنيه. غير الكركديه، السحلب، القهوة، الينسون،
والشاي الكشري. أما بقى الشاي اللي بالنعناع فهو اكتر حاجة بـ نحب نشربها في «الفيشاوي»
لان نكهته دايماً غنية ومنعشة. ده غير إن منظر كوبايات الشاي الشرقية نفسه وهي
فيها عود النعناع وبـ تتصب من البرادات الصاج القديمة المقشرة بـ يحسسك انك عايش
لحظة اتجمدت في الزمن.
الشيشة
مش غالية وبحوالي 5 جنيه، في منها التفاح العادي والمشمش وكل النكهات التانية. الخدمة
سريعة بالرغم من الزحمة الجامدة اللي مابـ تفارقش المكان، ومع ان طلبك هـ يجيلك في
دقايق انت مش هـ تبقى عاوز تقوم وتسيب المكان لان سحره هـ يقعدك فيه شوية حلوبين.
«قهوة
الفيشاوي» دايماً حيوية، ونقدر نقول إنها أشهر قهوة في العالم العربي، والنِد
الوحيد ليها هى “قهوة النوافرة” اللي في دمشق. الصبح هـ تشوف هناك سياح
عايزين يتفرجوا القاهرة الإسلامية بأعلامها، وبالليل هـ تشوف الشباب المصري اللي جاي
يقضي وقت مع اصحابه.
الناس
اللي كانت عايشة هناك عندها ذكريات جميلة عن القهوة وايام مجدها وزباينها اللي
كانوا من كل طيف. ولو رحت في ليلة في الويك إند ممكن تشوف عازفين عود، أو جلسات
إلقاء شعر. المكان مفتوح 24 ساعة وفي كل أيام الإسبوع، ويادوب على بعد كام خطوة من
مسجد الحسين، ما ينفعش تيجي مصر، او بالأحرى تكون مصري وماتكونش اختبرت جزء من
التاريخ اللي بـ يشع من جدران قهوة «الفيشاوي».