عادل إمام.. “الحريف” اللي قهر “طيور الظلام” فأصبح “الزعيم”
أفلام كوميدية الزعيم السينما المصرية سينما عادل إمام عادل إمام الزعيم عيد ميلاد الزعيمCairo 360
النهارده عاوزين ناخدكم في رحلة مختلفة.. رحلة جوه مطابخ كايرو 360.. حيث محررينا مشغولين بطبخ المواضيع اللي بتقروها معانا حاليًا. لكن المرة دي وبمناسبة الاحتفاء بعيد ميلاد الزعيم عادل إمام. الشيف اللي بيطبخ لكم الموضوع كان في حيرة من أمره.. ازاي يتكلم عن عادل إمام؟ ازاي يختصر تاريخ فني امتد من أوائل الستينيات لحد النهارده في سطور قليلة؟
الطبخة التقليدية، هتخلينا نقول إن عادل إمام من مواليد المنصورة سنة 1940 انتقل للقاهرة ثم درس في كلية الزراعة، وبدأ يعمل أدوار صغيرة ثم تطور بيه الحال للمشاركة في أعمال أهم ثم أصبح واحد من أهم الفنانين في مصر وعمل أدوار بارزة شاركت في تغيير شكل الفن المصري.
بس بصراحة. الشيف بتاعنا مش بيحب الطبخات التقليدية، وأنتم كقراء ومحبين لمجتمع كايرو 360 تستحقوا مننا أكتر من مجرد وصفة تقليدية زي دي. وعادل إمام وتاريخه يستحق مننا أكتر.
علشان كده قررنا نلجأ لوصفة غير تقليدية في الكتابة عن فنان غير تقليدي. فنان عرف يطور أسلوبه الفني بحيث يتحول من مجرد شخص عاش وعمل مجموعة أعمال فنية، لفنان عرف يأثر في وجدان مصر والمنطقة العربية بالكامل. والدليل على كده هي حالة الحب اللي بيتقابل بيها عادل إمام في كل الوطن العربي، ويكفي أن أي واحد مصري بيسافر برة، لما حد يعرف أنه مصري، يبتسم ابتسامة واسعة ويقول له “بلد عادل إمام”.
وبما أننا بنتكلم عن الموضوع كطبخة. عادل إمام هو كمان كان له وصفة سرية، وطبخة خاصة بيستعملها في أعماله كلها تقريبًا، وهي أن يكون انحيازه الأساسي للإنسان التقليدي البسيط. اللي عاوز يومه يمر بأقل قدر ممكن من المشاكل.
في فيلم “المنسي” عمل دور عامل تحويلة قطار. إنسان عادي شبه أي انسان عادي زينا، مش منتمي للطبقة العليا بكل تعقيداتها، نفس الدور لعبه في الإرهاب والكباب، المواطن البسيط اللي عاوز يقضي مصلحة حكومية وبيدخل في معركة مع الروتين. نفس الدور في مسرحية الزعيم، اللي عمل فيها شخصية واحد من عامة الشعب بتحطه الظروف في مواجهة السُلطة.
انتماء عادل إمام الوحيد كان وسيظل للمواطن التقليدي العادي، اللي شبهي وشبهك. والأحلى، أنه بيورينا إزاي المواطن ده بيواجه الظلم وبيخرج منتصر، باستخدام ذكائه الفطري وقدراته غير المحدودة على الخروج بحل من أقوى الأزمات. ودي حاجة منسجمة جدًا مع شخصية المواطن المصري، اللي بيعرف يتكيف مع أي أزمة ويخرج منها منتصر، مهما كانت الشواهد بتقول عكس ده.
وعلى الرغم من أن عادل إمام قارئ نهم، ومثقف واعي لا يشق له غبار، لكن في أعماله الفنية كانت انتمائه طوال الوقت للناس البسيطة. في “السفارة في العمارة” بنشوفه وهو بيسخر من المعارضة المصبوغة بصبغة يسارية اشتراكية، وفي “طيور الظلام” ألقى الضوء على لعبة التظاهر بالتدين للوصول لأغراض أبعد ما يكون عن الدين، وتفضل دي واحدة من أهم التيمات اللي ظهرت في أعماله اللي كان لها علاقة بانتشار الإرهاب في فترة التسعينات في مصر، زي فيلم الإرهابي.
لكن، وزي أي مواطن مصري عادي بيشوف بلده بتمر بأزمة، فيتحول من شخص عادي الى سوبر مان، عادل إمام الفنان قرر يحط نفسه موضع الخطر، ويسافر يعرض أعماله وفنه في كل حته في الجمهورية، بالتزامن مع انتشار الإرهاب في مصر في التسعينيات، في وقت كان ممكن تصرفات أقل من اللي عملها عادل يكون عقابها الموت، لكنه قرر يقول كلمته ويوصل فنه مهما كانت النتائج. وانتصر عادل إمام على الظلاميين، وكأنه بيجسد بنفسه الأسطورة اللي كنا بنشوفها في أفلامه.
وزي أي طباخ محترف.. عادل إمام كان عارف أنه لو خصص أفلامه للسياسة بس، هيمل منها الجمهور وهتفقد أي تأثير لها. علشان كده كانت المتعة جزء أساسي من طبخته السينمائية، وكان لازم كل فترة يكسر القالب اللي اتعود الناس تشوفه فيه ويعمل حاجة مختلفة. في “الإنس والجن” شوفناه في دور رعب وفي “رسالة إلى الوالي” شوفناه في دور فانتازيا، تراجيديا في “عمارة يعقوبيان” وأكشن في “شمس الزناتي” و”النمر والأنثى”، أما الكوميديا فكانت العامل المشترك الأكبر في كل عمل قام بيه تقريبًا.
ومع انتشار موجة “المضحكون الجدد” وظهور نجوم زي أحمد حلمي ومحمد هنيدي وكريم عبد العزيز وأحمد مكي وأحمد عيد وغيرهم، توقع الناس أن يحصل عداء بين عادل إمام وبينهم، باعتبارهم منافسين له، لكن على العكس شجعهم واستعان بيهم في أعماله وفرد لهم مساحات يتعرفوا من خلالها، والأغرب أن ده ما قللش من نجاجه وفضل هو المنافس الأول لهم ومتربع على قمة “الترند” السينمائي والفني عمومًا قبل ما يبقى فيه ترند أصلًا!
صعب جدًا نلخص سنوات وسنوات من المتعة، والانتماء للإنسان المصري وشيل همومه ومناقشة قضاياه، صعب قوي نختصر عادل إمام في مقال أو حدوتة، ومهما قولنا طبختنا عن عادل إمام هتكون ناقصة.
علشان كده كل اللي نقدر عليه هو إننا نرفع القبعة ونوجه التحية، للفنان اللي وقف “على باب الوزير”، وهو “شايل سيفه”، مش “هلفوت” ولا “متسول” لكن “حريف” و”عراف” و”صاحب سعادة”.. كل اللي نقدر عليه هو إأننا نتمنى للـ”زعيم” عمر مديد وفن جميل. لفنان تحول من شخص واحد لحالة تعبيرية جميلة عن بلد كاملة. بكل ناسها البسيطة الحلوة اللي بتحب الحياه وبتتمسك بيها رغم أي صعوبات بتقابلهم.