حسام درار: فنان معاصر وناشط مصري
Nadine El Shiaty
حسام درار يشبه الشكل التقليدي للفنانين في الأفلام واللي لبسهم بـ يكون مليان بقع ألوان، هو واحد من الفنانين اللي مش بـ يحبوا يحصروا نفسهم في نوع واحد من الفن طول ما عنده رؤية خاصة به، الفنان حسام درار صاحب الأصول الصعيدية المصرية عمره 37 سنة وعنده مواهب متعددة، ده غير أنه واحد من أهم الفنانين المعاصرين في مصر.
قابلنا حسام قبل انطلاق معرضه الجديد Invitation au Voyage (اللى مستمر لحد 11 يناير 2016) علشان يكلمنا عن رحلته الصعبة في عالم الفن ومصادر إلهامه وخططه المستقبلية.
بداية حسام درار
بعد ما وقع في عشق الفن، كان واضح أن حسام لما يكبر خلاص اختار طريقه، قدر حسام بعد دخوله الجامعة يكوّن نظرة شاملة على الفن بكل عناصره وجوانبه، تخرجه من فنون تطبيقية قسم تصميم جرافيكس جامعة حلوان فتح له أبواب كثيرة من التصوير لغاية فن الخط.
حسام اشتغل بعد تخرجه كمصمم جرافيك لمدة 10 سنين، وقدر في الوقت ده يبني اسمه كواحد من أشطر الناس في مجاله في مصر والشرق الأوسط عن طريق أعماله المبتكره اللي بـ تتميز بلمسة فنية جريئة.
حسام قرر يغير مساره الفني مع اندلاع ثورة 25 يناير لأنه لقى نفسه مع نبض الشارع، "بدأت أسجّل وأوثق كل حاجة شوفتها خلال أيام ثورة 25 يناير اللي فعلاً أبهرتني، بدأت كمان أرسم مشاهد من أرض الواقع".
حسام درار الفنان المعاصر
بدأ حسام بعد ما خلصت الثورة يستكشف عالم الفنون من جديد، ورجع يزور المعارض والمتاحف والجاليريهات، وفي نفس الوقت بدأ يعرض أعماله في مصر والبحرين وإيزنبرج وروما.
حسام بـ يشوف أن مسيرته الاحترافية بدأت بجد مع دخوله لعالم الفن المعاصر، لما أصبح تركيزه الأساسي على الفكرة اللي بـ يحاول يقدمها أكثر من الأدوات والخامات اللي هـ يستخدمها للتعبير عن الفكرة.
وقال حسام "الهدف الرئيسي من الفن المعاصر مش مجرد تقديم حاجة شكلها جميل، الموضوع كله عبارة عن فكرة، الفكرة اللي عاوز تعبّر عنها، الفن المعاصر وسيلة للتعبير عن فكرة، والفكرة دي هي اللي بـ تحدد طريقة عرضها سواء كانت رسم أو فيديو أو موسيقى أو أي عمل فني".
من أهم الموضوعات في أعمال حسام الفنية هو المجتمع المصري بكل ظروفه ومشاكله، حسام بـ يعبر عن مشاكل اجتماعية واجهته هو شخصيًا عن طريق الفن.
"الفن من أهم الأدوات اللي ممكن تعبر بها عن مشاكلنا الاجتماعية ونحلّها، مجتمعنا محتاج يبعد شوية عن تقاليد وعادات وأفكار عنصرية راحت عليها، وأنا مؤمن أن الفن هو الوسيلة لجذب انتباه الناس للمشاكل دي".
سنة 2013 قدم حسام واحدة من أهم أعماله اللي بـ تتكلم عن مشكلة التلوث وهي: أصيص زرع خارج منه ماسورة عادم، "إحنا بـ نستنفذ الطبيعة يوم وراء يوم وواضح أننا بـ نزرع عوادم أكثر من أي حاجة ثانية".
من أعمال حسام المهمة بعد الثورة كرسي القهوة اللي كلنا عارفين شكله كويس مقسوم نصفين، نصف منهم موجود في ركن من الغرفة، والثاني موجود في آخرها وفيها بـ نشوف جهاز تليفزيون من غير إرسال.
"حبيت أعبّر عن الانقسام اللي حصل للأسرة المصرية بسبب اختلاف آرائهم عن الثورة، الإعلام كمان ساهم في تقسيم الناس وزود من الخلافات بينهم.
حسام السنة اللي فاتت عمل عرض لتوضيح صعوبة الحصول على مياه نظيفة في مصر، الفكرة هنا أنه استخدم "القلة" ولصق عليها شعار شركة مياه معدنية.
بعدها قال لنا حسام: "النيل اللي كان رمز للمياه الطبيعية النظيفة دلوقت بـ نستبدله بمياه معبئة في زجاجات بلاستيك مسرطنة والناس الوحيدة اللي تقدر تشتريها هم الأغنياء"، وشرح لنا حسام أنه حاول يدعم فكرة تنفيذ محطات تحلية المياه في مصر من خلال عمله بحيث توصل المياه النظيفة للناس.
حسام بـ يعشق الشغل بألوان الزيت علشان بـ تكون سميكة وبارزة على اللوحات، وبـ يشوف أن الخطوط الرفيعة الخفيفة مش بـ تعكس نوعية الحياة اللي بـ نعيشها المليانة دوشة وزحمة وتفاصيل كثيرة.
من ناحية أدوات الرسم، حسام بـ يفضل سكين الرسم أكثر من الفرشاة، وبـ يشوف أن الأخيرة بـ تقيد حركته.
"الفرشاة بـ تخليني أرسم، بس أنا مش عاوز أرسم، أنا عاوز أطلع الطاقة والأفكار المحبوسة جوايا، لما باشتغل بالسكين، بأحس أني محارب، وراقص، ومغني.. فاهمة الإحساس ده؟ كل الطاقة اللي عندي بـ تطلع مع ضربة السكين ومعاها بأحس بالتحرر والانطلاق".
أحدث أعمال حسام معروضة في الزمالك في جاليري آرت توكس، وهو معرض مستوحى من قصيدة بنفس الاسم في المجموعة الشعرية أزهار الشر Les Fleurs Du Mal للشاعر شارل بودلير.
معرض Invitation Au Voyage للفنان حسام درار مكوّن من 13 لوحة مبنية على فكرة الحرية، وبـ يستخدم للتعبير عنها سيدات ودراجات.
"أنا هدفي أظهر للناس أن تقبل حاجة معينة سهل زي ركوب الدراجة بالضبط، بعيدًا عن أي منظور ديني أو عنصري، إحنا بـ نحاول نغير فكر ومفاهيم أمة كاملة".
حسام بـ يستخدم نموذج المرأة في أعماله ودي مش حاجة جديدة عليه، لأن حقوق المرأة تعتبر من أهم القضايا اللي بـ يناقشها في أعماله.
"من المهم أني أركّز على القدرات والقوة المستخبية في المرأة، واللي كبتها المجتمع الذكوري اللي إحنا عايشين فيه، فأنا من خلال لوحاتي بأحاول أظهر السيدات دول في صورة مستقلة وحرة ومتحررة من كل القيود".
الفن في القاهرة
حسام بـ يشوف القاهرة على أنها من أكثر المدن الملهمة لأي فنان، ومكان يقدر الفن ينمو ويزدهر فيه، وأكد حسام على كلامه وقال: "العشوائية والتلقائية والفوضى الموجودة في المدينة يعتبروا فن في حد ذاتهم، لو بس قررت تصور في الشارع بزحمته ودوشته وعربياته وحركته المستمرة، ده لوحده فيديو فني، لو حاول فنان في بلد ثانية يعمل نفس المشهد عمره ما هـ يقدر ينفذه بالشكل ده".
الشاعر جلال الدين الرومي يعتبر مصدر إلهام لحسام في أعماله الجديدة، "أكثر حاجة بـ تعجبني في أعمال جلال الدين هي فكرة أن كلنا شخص واحد، الفكرة صحيح بسيطة بس موضوع أن أنا وأنت واحد دي ممكن تغير العالم والناس تقرّب من بعض أكثر".
حسام لما عرض أعماله في مصر قرر يختار موضوعات قريبة من المجتمع، على عكس لما بـ يعرض خارج مصر بـ تكون الأفكار مختلفة ومركّبة.
"الفنانين بره مصر عندهم مساحة يعبروا فيها عن الفن المعاصر، وصحيح الساحة الفنية بـ تكبر في القاهرة، لكن مصر محتاجة دفعة ودعم للفن المعاصر، وعلشان كده أنا بـ اختار أعمالي على حسب طريقة تذوق جمهوري للفن.
نهضة وسقوط الحضارة الأندلسية: مشروع ضخم مستقبلي لحسام درار
حسام بـ يدرس تاريخ الأندلس علشان مشروعه القادم، وإزاي حضارة هائلة زيها وقعت بعد عهود من السطوة والازدهار، وبـ يشوف أنها حاجة محتاجة سنين من الشغل لتنفيذها.
"هدفي أفهم إزاي ممكن حضارة تنتهي، اختارت الحضارة الأندلسية لإحساسي أن الموضوع يشبه اللي حاصل اليومين دول في العالم العربي، الأندلس كانت أمة واحدة قوية، بس الحرب قسمتها 22 دولة مختلفة"، بعدها قال حسام أن دراسة حضارة عظيمة زي الأندلس ممكن يخلي الناس تفكر في وضع العالم العربي الراهن.
حسام عمره ما اتكسف أنه يجرب ويفهم مهما كان الموضوع، وقال أن مرجعه ودليله هو الأنواع المختلفة من الفنون.
"فكرة أني موجود هنا وشغال في الفن والابتكار هي المحرك الرئيسي لي، هو ده سر تمسكّي بالفن وأني أفضل ابتكر وأحافظ على فنّي".