جامع عمرو بن العاص: جامع وجامعة وسلام
Ahmed Abd El Gawad
مكان مهيب فيه جلالة غريبة، أول ما تدخله هـ تحس مجموعة
أحاسيس مختلفة، هـ تحس أنك عاوز تقعد فيه شوية، هـ تفكر فى وسعه وطريقة بنائه، هـ تحس
بالرهبة والجلال خاصة لما تعرف أنه أول مسجد بتم بناؤه فى مصر.. هو جامع عمرو بن
العاص.
تعالوا نعرف الأول مين عمرو بن العاص، هو واحد من صحابة
الرسول صلى الله عليه وسلم ولد قبل الهجرة بـ 47 سنة، كان من فرسان قريش وأبطالها،
أسلم سنة 8 هـ، كان أمير عمان ثم أمير الجند فى الشام، وهو اللى فتح مصر وأدخل
الإسلام فيها وبنى مدينة الفسطاط وجامع عمرو، مات عام 43 هـ ودفن فى المقطم، وكان
بـ يقول قبل ما يموت: “اللهم أنك أمرتني فلم أأتمر، وزجرتني فلم أنزجر”،
ووضع يده على قلبه وقال: “اللهم لا قوي فأنتصر، ولا بريء فأعتذر، ولا مستكبر
بل مستغفر، لا إله إلا أنت”.
أما عن موضوع الفسطاط وهى المدينة اللى بناها عمرو بن
العاص، فدي قصة ثانية بـ تحكى أن عمرو لما فتح مصر، عسكر فى مكان دلوقتى هو منطقة
مصر القديمة، وكان اسمه الفسطاط، وأراد عمرو أن يرحل مع الجنود، لكنهم تفاجأوا
بيمامة عششت على الفسطاط، فأمر عمرو بعدم هدم الفسطاط رحمة باليمامة وأولادها
الصغار.
وبدأت الناس تيجى المكان ويتحول لمدينة قائمة بذاتها،
وكان عمرو فى الإسكندرية ولما رجع القاهرة ثانى مرة بدأ يبنى جامع باسمه وده كان
سنة 21 هـ تقريبًا، وقصة بناء المسجد بدأت لما رجع عمرو من الإسكندرية وشاف أن
المكان بدأ الناس يسكنوا فيه، وكان فيه دكان لشخص اسمه قيسبة فاستأذنه عمرو فى
تحويله لمسجد فوافق قيسبة وتصدق به لله، وبدأ عمرو يبنى المسجد.
عاوزينك تتخيل معانا قد إيه كانت الناس فى الزمان ده
صادقة وبسيطة يعنى عادى أن واحد يتبرع بدكانه علشان يبنى مكانه مسجد، وعاوزك تتخيل
مين اللى ساعد فى بناء المسجد كمان.. 80 صحابى، تخيلوا 80 واحد من اللى شافوا
الرسول وصاحبوه منهم: الزبير بن العوام، والمقداد بن الأسود، وعبادة بن الصامت،
وأبو الدرداء، وأبو ذر الغفاري.
المسجد فى بدايته كان عرضه 50 ذراع فى 30، وعدت عليه
توسيعات كثير أشهرها اللى تمت فى زمن الوليد بن عبد الملك، والبيت اللى كان ساكن
فيه عمرو بن العاص كان أمام المسجد، وكان فيه بابين للمسجد أمام بيت عمرو، وبابين
من الناحية البحرية، وبابين من الناحية الغربية.
وتوالت التوسعات فزاد من مساحته “مسلمة بن مخلد
الأنصاري” والي مصر وعمل فيه أربع مآذن، وزادت التوسعات علي يد من حكموا مصر لحد
ما وصلت مساحته بعد عمليات التوسيع المستمرة تقريبًا أربعة وعشرين ألف ذراع
معماري، وهو الآن 120 فى 110 أمتار (أي حوالي 13200 متر).
وفي
سنة 564 هـ خاف المسلمون من احتلال مدينة الفسطاط اللى فيها جامع عمرو بن العاص، فـ
يعمل إيه الوزير الضعيف شاور؟ تخيلوا أن تفكيره هداه إلى إشعال النيران فيها لأنه
كان عاجز عن الدفاع عنها، وانتشرت النار فى المدينة، واحترق جامع عمرو بن العاص،
وبـ تقول لنا كتب التاريخ أن النار فضلت مشتعلة لمدة 45 يوم.
واللى
أعاد بناء المسجد هو صلاح الدين الأيوبي عام 568 هـ وأعاد بناء واجهة الجامع
والمحراب الكبير، وكساه بالرخام، ونقش عليه آيات قرآنية واسمه.
وفضل
المسجد يتطور لحد ما وصل للاتساع اللي عليه دلوقتى والصحن الكبير اللى فى مدخله
وكمية الأعمدة الرخامية الجميلة اللى بـ تزينه والمنابر الخشبية المزينة بآيات قرآنية
وشاهدة على مجموعة عصور كانت بـ تحمل الفن للدين وتحمل الدين للفن.
عاوزين
نقول لكم برضه أن مر على المسجد أحداث كثيرة زى الزلزال الشهير اللى هز مصر كلها يوم
الاثنين 12 أكتوبر 1992 م وأثر على بعض الأعمدة فى المسجد وبعض الحوائط اللى أصيبت
بشروخ وقامت هيئة الآثار المصرية بترميمها.
وكمان
وقع خمسين متر من سور حرم الجامع ليلة الجمعة 25 مارس 1994م وهيئة الآثار عملت سور
خرساني بارتفاع ستة أمتار حول الجامع. وفي يوم الأحد 24 مارس 1996م انهار 150 متر
من سقف المسجد في الجزء الجنوبي الشرقي والمكان ده بيسموه “إيوان القبلة”،
وتم فكه وأعادوا بناؤه مرة ثانية.
بعض
الدارسين والمهتمين بمسجد عمرو بن العاص بـ يقولوا أن كانت فيه محكمة لفض
المنازعات الدينية والمدنية، وكانت بـ تتم في الجانب الغربي منه. وكمان كان فيه
بيت مال فيه، وده من وصف الرحالة ابن رسته اللى قال أن بيت المال كان موجود أمام
المنبر على شكل قبة عليها أبواب من حديد، وبـ يقول بعض دارسى الفترة دى أن بيت
المال ده مش بيت المال الرئيسي الخاص بالدولة، لكن بيت مال خاص بالأيتام.
ولمدة
سنين كثيرة جدًا كان الجامع منارة للعلم، ومن أشهر العلماء اللى عملوا فيه دروس
وخطبوا الجمعة كان الإمام الشافعي والليث بن سعد وأبو طاهر السلفي، والعز بن عبد
السلام.
وتخيلوا
أن حلقات العلم فيه في البداية كانت (33) حلقة منها (15) حلقة للشافعيين و(15)
حلقة للمالكيين و(3) حلقات للأحناف بعدها ارتفع العدد إلى (110) حلقات. يعنى كان
كام طالب موجود فى الجامعة الدينية دى نعتقد عدد كبير بعدد الدروس اللى كانت بـ تتعمل
هناك وكأننا بـ نتكلم عن أول جامع فى مصر وأول جامعة برضه.
وكمان
سنة 415 هـ كان فيه حلقة درس ووعظ للسيدات بـ تقوم عليها واحدة من النساء المشهورة
في زمانها وهي أم الخير الحجازية.