العاصمة في السينما.. 5 أفلام وثقت ملامح القاهرة عبر الزمن
أفلام عن القاهرة أفلام مصرية تاريخ القاهرة في السينما حياة المصريين في السينما عاطف الطيب محمد خانCairo 360
القاهرة ونيلها، وطول ليلها، وأغانيها ومواويلها، وحكاويها.. من بداية تأسيسها على يد القائد جوهر الصقلي سنة 969 وهي محط اهتمام المؤرخين والكُتاب. واللي اهتموا بالتأريخ لمدينة القاهرة، وكتابة تاريخها، وتوثيق أحداثها.
لكن أمتع توثيق، هو اللي بتسجله عدسة الكاميرا، وأحلى توظيف لتوثيق حياة المصريين اليومية، هو اللي بنشوفه في السينما، لأن الأفلام زي كُتب التاريخ بالظبط: شهادة حية، محايدة، وغير قابلة للتزوير.
تعالوا نعرف أكتر عن خمس أفلام وثقت ملامح القاهرة عبر الزمن. ونقرب أكتر من نسخ مُختلفة من القاهرة، تجتمع كلها على جمال وعراقة المدينة الأصيلة.
حياة أو موت (1954)
قليل لما نلاقي حد عارف فيلم حياة أو موت باسمه الحقيقي، لأنه اشتهر في أذهاننا بالجملة الشهيرة “الدواء فيه سم قاتل”. لما بنروح في رحلة في شوارع القاهرة علشان نلحق بنت صغيرة قبل ما توصل دواء تم تركيبة بطريقة غلط علشان يتحول لسم قاتل. هتعطيه لوالدها المريض في البيت.
بالإضافة للقصة المشوقة، والفكرة الجديدة، بنشوف رحلة في قاهرة الخمسينيات. خاصة في منطقة مصر القديمة وشارع القصر العيني والعتبة وميدان التحرير وكورنيش جاردن سيتي. بشوارعها وناسها وحكاياتها اللي مش بتخلص. وبنلاحظ الاتساع في الشوارع علشان التعداد السكاني كان أقل بكتير من دلوقت. ويحسب للمخرج كمال الشيخ أنه صمم يصور في الشوارع الحقيقية رغم صعوبة الأمر.
بالإضافة لحصول الفيلم على جائزة الدولة سنة 1955 ومشاركته في دورة مهرجان كان لنفس السنة، واحتلاله المركز ٣٨ في ضمن قائمة أفضل 100 فيلم في ذاكرة السينما المصرية، فهو كمان وثيقة تاريخية لقاهرة الخمسينيات الجميلة.
ضربة شمس (1980)
زي ما قال الشاعر تامر حسين في أغنيته (القاهرة) اللي غناها عمرو دياب ومحمد منير: كأنها بنت جميلة بتنادي عليك فيها سر بيخليها دايمًا حلوة في عنيك.
البنت الجميلة نادت في أوائل الثمانينيات، على شاب باكستاني / بريطاني راجع من بريطانيا بعد ما درس الإخراج السينمائي، علشان يقع على الفور في غرام القاهرة. والشاب ده هو المخرج المتميز -الله يرحمه- محمد خان. واللي حصل على الجنسية المصرية سنة 2014 بعد سنوات من المحاولات.
لكن لأنها مش بتعترف بجوازات السفر وبطاقات الهوية، أعطت القاهرة جنسيتها لمحمد خان من البداية، وأعطاها وقته واهتمامه وفنونه وإبداعه. وفضلت لاعب أساسي في كتير من أعماله، أهمها وأشهرها هو فيلمه الأول (ضربة شمس)، واللي بيحكي فيه قصة مصور صحفي، بيحقق وراء جريمة قتل غامضة لعصابة من القتلة والمجرمين.
كاميرا خان وثقت من خلال (ضربة شمس) الحياه اليومية للمصريين، وبحرفية شديدة شوفنا لقطات بزوايا مختلفة لوسط البلد وشوارعها، بالإضافة لتوثيق نمط الحياه نفسه زي التصوير في النقابات والكافيتيريات، وغيرها من الأماكن اللي زارها المصور (شمس) اللي قام بدوره نور الشريف على ضهر الموتسيكل بتاعه.
خان تعرض لموضوع التصوير في الشوارع في فيلم (ضربة شمس) في كتابه (مخرج على الطريق)، وعن إصراره التصوير في مطعم قريب من سينما مترو وقال: بالرغم من إبداء منتج الفيلم (نور الشريف) عن استعداده لبناء نفس المقهى في الأستوديو: قلت لا. سأصور هناك، حيث كنت أذهب وأتناول العشاء مع والدي ونذهب إلى السينما، لقد عنى ذلك شيئًا مهم بالنسبة لي أنا أحب المدينة، لقد ولدت ونشأت في وسط المدينة، وأحب أن أصور في الأماكن التي أتذكرها، أو التي كنت قد زرتها!
آيس كريم في جليم (1992)
وبما أننا بنستشهد بأغنية لعمرو دياب عن القاهرة، مش ناسيين أن عمرو نفسه كان بطل واحد من أهم الأفلام اللي وثقت لها. نقصد هنا فيلم آيس كريم في جليم للمخرج خيري بشارة. واللي يعتبر وثيقة بالفيديو لقاهرة التسعينيات.
المخرج خيري بشارة ومدير التصوير طارق التلمساني، أخدوا توثيق القاهرة لمستوى تاني تمامًا. مش بس من خلال التصوير في الشوارع الحقيقية وعدم الاكتفاء بمشاهد الاستوديو، لكنهم صوروا لنا (الحياة) في قاهرة التسعينيات.. بالكافيتيريات والأكلات، مع بداية انتشار مطاعم الوجبات السريعة، نوادي الفيديو والفنادق، وحتى موديلات العربيات والأتوبيسات وإشارات المرور والإعلانات.
الجميل في آيس كريم في جليم أنه صور في أماكن كتير مختلفة من حيث التركيبة السكانية والاقتصادية. ولأن عيون صناع الفيلم كانت حلوة، صورة الفيلم كانت أحلى، والشريط الصوتي للفيلم كان أحلى وأحلى، ويكفي أغنية (رصيف نمرة خمسة) اللي ساعدت التوثيق المرئي بتوسيط سماعي كمان، وهي بتحكي لنا عن مشهد في قاهرة التسعينيات: ترماي بسنجة في روض الفرج وأعمار تعدي لا يجي الفرج ولا البحر باين لآخره مراسي ولا حد راسي منين الفرج.
ليلة ساخنة (1995)
صعب جدًا إنك تختصر أحداث فيلم كامل، في ليلة واحدة، والأصعب، لو كان التصوير بيتم في شوارع حقيقية، لأن ده معناه أن جدول تصوير الفيلم بيكون دائمًا في وقت الليل، على العكس من التصوير في استوديو داخلي، يقدر المخرج يتحكم في وقت التصوير زي ما يحب.
ده جزء من التحديات اللي واجهت المخرج العبقري عاطف الطيب في فيلمه ليلة ساخنة، اللي بيحكي عن ليلة الكريسماس، من منظور سائق تاكسي – نور الشريف- اللي بيحاول يحصل على تكلفة دخول حماته للمستشفى علشان تعمل عملية خطيرة.
ليلة ساخنة وثق لشوارع القاهرة بالليل، المستشفيات وأقسام الشرطة، وحتى القهاوي والبيوت والشوارع، كل ده مع موسيقى تصويرية معتمدة بالكامل على الأغاني في وصف المواقف اللي بيمر بيها الأبطال. في لمحة عبقرية ما تخرجش غير من مخرج متمكن زي عاطف الطيب. اللي قدم في الفيلم مجموعة وجوه جديدة زي إيناس مكي، ياسمين جمال، أحمد السقا ومحمد لطفي. وغيرهم.
في شقة مصر الجديدة (2007)
وزي ما كانت البدايات مع محمد خان. بننهي جولتنا مع محمد خان برضه. من خلال فيلم (في شقة مصر الجديدة) اللي بيحكي عن معاناة مُدرسة موسيقى من المنيا في أول زيارة لها في القاهرة. وقامت ببطولة الفيلم غاده عادل بمشاركة خالد أبو النجا.
وفي رحلة بطلة الفيلم من محطة مصر لما وصلت من المنيا، وحتى مصر الجديدة، بياخدنا خان في رحلة في شوارع القاهرة، رحلة ممتعة ترصد التغير اللي حصل، مش بس في عدد السكان أو طبيعة المباني، لكن في طبيعة الناس نفسها، وطريقة تعاملهم مع الغير، وطريقة نظرتهم لنفسهم وللحياة.
مليون حاجة اتغيرت في القاهرة والقاهريين، لكن الصفات الأساسية الثابتة للمدينة أو لسكانها، هي الأصالة والعراقة، خفة الدم والوقوف جنب بعض في وقت الأزمة، الجدعنة والشهامة.. هم دول اللي اتقال عنهم في أغنية (القاهرة):
هنا ناس تشيل عنك همك وتقاسمك فيه وفي عز فرحك تفرحلك وتجاملك فيه ناس يوحشوك لما يسيبوك ويفكروك… بالقاهرة ونيلها وطول ليلها وأغانيها ومواويلها وحكاويها.. يا جمالها القاهرة تجيلها تحن لها وتهواها ما تنساها وتتحاكى بأحوالها.