فيلم The Substance: تجربة سينمائية جريئة على مسئوليتك الخاصة
أفلام أجنبية سينمات القاهرة فيلم The Substance مراجعة لفيلم The Substance مشاهدة فيلم The Substance نقد فيلم The Substanceلو سألتونا عن أحلى حاجة بنحبها في فن السينما، فهي قدرته على تفكيك وتبسيط أكثر المعاني صعوبة، وأعقد المفاهيم، وتقديمها في حوالي ساعتين وبطريقة بصرية ممتعة، تفتح عين المشاهد على حاجات ممكن يكون بيفكر فيها للمرة الأولى. هو ده بالضبط اللي نجح صناع فيلم The Substance في تحقيقه، وإن كانوا فشلوا في الاستمرار عليه للنهاية. تعالوا نحل اللغز ونفهم مع بعض الشفرة.
فيلم The Substance بيبدأ بمشاهد افتتاحية لبطلة الفيلم “إليزابيث” (ديمي مور) اللي بتشتغل موديل في صناعة الترفيه المعتمدة طوال الوقت على إبراز مفاتن البنات الجميلة والصغيرة في السن. إليزابيث بتسمع بالصدفة مكالمة من مديرها، بيتكلم عنها إنها تقدمت في السن، وأصبح من الضروري استبدالها بعارضة تانية أصغر وأجمل.
بالتزامن مع المعلومة دي، وبطريقة ما، بتلاقي إليزابيث فرصة إنها تشارك في تجربة، من خلالها بيتم استنساخها وتقديم نسخة أصغر في السن وأجمل منها (شخصية “سو” اللي بتقوم بدورها مارجريت كوالي). لكن شروط التجربة دي واضحة: كلا الشخصين (النسخة الأصغر والأكبر) هما في النهاية نفس الشخص، وعلشان ما يحصلش أي آثار جانبية مدمرة، لازم تلتزم كل واحدة من الشخصيتين إنها تعطي التانية فرصة للحياة لمدة أسبوع كامل، خلال الأسبوع ده واحدة من الاتنين بتكون فاقدة للوعي تمامًا. بعدها بيلتزم الشخص اللي واعي إنه يعود للشخص فاقد الوعي ويتبادل الأدوار معاه.
إليزابيث كانت حاسة إنها محاصرة في الكورنر، ولازم تعمل أي حاجة علشان يكون فيه نسخة أصغر وأجمل منها، وبالفعل وافقت على الشروط وظهر لنا الشخصية الأصغر منها (سو) واللي بدأت تستغل جمالها وشبابها في أنها تحقق شهرة وفلوس منقطعة النظير، من خلال الشغل في نفس المجال الترفيهي المعتاد.
مع الوقت والنجاح والشهرة، بتكره (سو) فكرة اضطرارها للرجوع للحياة في جسد (إليزابيث)، بالتالي بتخالف شروط العملية، وبتتمرد عليها، ونتيجة ده، شخصية (إليزابيث) بتتقدم في العمر وبتخسر شبابها وصحتها بشكل متسارع جدًا. ومن هنا بيتأزم الصراع بين الشخصيتين اللي هما في الأساس شخص واحد!
الفكرة مبهرة! وتنفيذها على الشاشة كان مبهر برضو. نقدر نقول بضمير مستريح إن ده واحد من أفضل الأعمال اللي تم توظيف المؤثرات الخاصة فيها مؤخرًا. لكن في المقابل لازم نقول إن الفيلم بأي شكل من الأشكال غير صالح للمشاهدة العائلية، وغير صالح للمشاهدة من الناس اللي بتتضايق من مشاهد الرعب الدموي والجسدي.
فيلم The Substance بيتجاوز الفكرة المباشرة لقصته، وبيلقي أضواء كاشفة وفاضحة على حاجات كتير في حياتنا المعاصرة، زي فكرة تسليع الأنثى واستخدام جسمها في زيادة نسب المشاهدة، ووضع معايير عالية وثابتة وواضحة للجمال، والتخلي عن الإنسان لمجرد تقدمه في السن أو إن جسمه مابقاش جميل زي الأول، كمان بنشوف كواليس صناعة الموضة والترفيه اللي تبدو من برة براقة لكن من جوه مليانة بالوحشية نتيجة إدارتها من رجال فاضيين من جواهم ومعاييرهم للجمال ناقصة وشهوانية للغاية.
مش بس كده. الفيلم عنده رسالة فلسفية مهمة عن الأخطاء اللي بيرتكبها البشر في حق نفسهم وجسمهم وهم شباب، ويدفعوا تمنها غالي لما يتقدموا في السن. وفي رأينا أن الفيلم بيخاطب البشر المهتمة بالمغالاة في استخدام موارد الكوكب، وناسيين إنهم أحيانًا بيغالوا في استخدام مواردهم الخاصة بشكل يؤدي لتحولهم مع التقدم في السن إلى مسوخ.
من هنا بنقدر نتفهم المغالاة في الوحشية والدموية والعري في بعض مشاهد الفيلم، وفي رأينا أن المخرج والمؤلف كورالي فارجايت كان عاوز يكون صدامي وحاد ومتوحش لأقصى حد، خاصة أنه بيحاول يعمل لنفسه اسم قوي كمخرج وأن The Substance هو العمل الثالث له وقدر فعلاً يعمل ده وحصل على جوائز في مهرجان كان وتورنتو.
يُحسب لديمي مور قبولها القيام بدور النسخة الأكبر والأقل شكلاً وإثارة، وده اختيار مش كل الممثلات بتقبل بيه بسهولة، و مارغريت كوالي عملت دورًا ثقيلًا ومهمًا ويستحق الإشادة.
عيب الفيلم من وجهة نظرنا هو السيناريو اللي ضل طريقه في الربع الأخير من الأحداث، وعدم قدرته على تقديم نهاية أكثر منطقية، على الرغم من فهمنا لرسالة الفيلم اللي ظهرت في المشهد النهائي، لكن كان ممكن يتم تقديمها بشكل أفضل من كده بكتير.
باختصار.. فيلم The Substance فيلم عاوز مشاهد من نوع خاص، قادر يقرا ما بين السطور، والأهم: إنه يكون قادر على تحمل كل ساعتين ونصف تقريبًا من المشاهد المقززة والمؤلمة نفسيًا.. ده فيلم تشوفه على مسؤوليتك الخاصة.