The Definitive Guide to Living in the Capital , Cairo , Egypt

شاهد على العصر
نجيب محفوظ غير أنه عميد الأدب العربي، كمان عمره المديد، ووجوده في الوسط الثقافي والفني، وصداقاته مع أقطاب فنيين وسياسيين، أهلته يكون شاهد على عصره.. لكنه شاهد من بعيد، مجرد متفرج، شايف الناس والأحداث من خلف لوح زجاج.. هو غير مشارك في الحدث، لكنه راصد حساس وأمين، وشغوف بمعرفة دواخل الناس ودوافعهم، شغوف بفك تشابك العلاقات بين الناس، بنظرة عميقة هادئة متأملة.

اعترافات
في الجزء الأخير من أحلام فترة النقاهة بتختلط الأحلام بالاعترافات، أو نقدر نقول أن أغلبها اعترافات مستخبية على شكل أحلام.. يمكن عم نجيب مقدرش يكتبها في وقتها، أو كتبها من غير ماينشرها لعدة أسباب من أهمها: الحرج، أو الخوف من إغضاب بعض الشخصيات وخاصة السياسيين ورجال السلطة.

عالم النفس الأشهر فرويد قال: "أينما ذهبت وجدت أن شاعرا سبقني" كان يقصد في تفسيره للأحلام.. نجيب محفوظ كان شاعر، أو رؤيته للعالم شاعرية جدًا، رغم كتابته الكلاسيكية.. كتير من الأحلام عميق وفيه معاني مش بسيطة، ونظرة مختلفة لحاجات كتير في الحياة، زي الحلم رقم 335 اللي بيتكلم فيه عن الموت من منظور مختلف تماما، والموت كان من المواضيع المسيطرة على أحلامه وكتاباته بشكل عام.. وفي أحلام تانية كتير بسيطة جدا وواضحة ولا تحتمل التفسير، وفي أغلبها هي اعترافات أو مواقف حصلت في الطفولة والمراهقة.. هيتكرر كتير ذكر حزب الوفد وزعمائه وأعضائه الكبار المؤسسين والمؤثرين، وهنعرف أن نجيب محفوظ وفدي (نسبة لحزب الوفد) من الدرجة الأولى.. هنعرف أنه فقد أكتر بنتين حبهم، وأشار ليهم بحروف (ب) و(ع) وأن زواجه كان من غير رغبة، ويمكن علشان كده الأحلام اتنشرت بعد وفاة زوجته، وخاصة أنه بيعلن عن شوقه بوضوح.. هنعرف كمان أنه اتعلم العزف على القانون، وهنشوف عشقه للمزيكا ولكل ما يتعلق بيها سواء عزفا أو غناء.. كلنا عرفنا نجيب محفوظ راجل كبير في السن والقدر، حكيم ووقور ومبتسم دايما، لكنه في نصوص كتيرة بيكشف عن طيش الشباب، وعن حبه للحياة وملذاتها، وللأكل والسهرات الحلوة.
الأحلام السريّة، أحلام الموت، والرغبات القديمة، وصور الحسناوات، أطياف الأحبة اللي ماتوا، الوداع الهادئ، المظاهرات الصامتة، الفرح العابر والحزن الدائم، عذاب الفقد، أيام الصبا، شكل الحدائق والورود، وابتسامات الحبيبة، تبدّلات الزمن، التطلّعات المكسورة، وكل المشاعر والمفارقات هنشوفها وهنحس بيها.

ملحوظة أخيرة
مقدمة الناشر إبراهيم المعلم، ومقدمة سناء البيسي طويلة جدًا، وملهاش أي لزمة.. والسؤال المهم: إيه الفايدة من نشر مخطوطات الأحلام الأصلية بخط اليد في 90 صفحة تقريبًا؟ رغم أن الأحلام في 156 صفحة بس، وده حجم الكتاب الفعلي.