لؤي أحمد: عن حياة فنان باليه في القاهرة
Nagla Ashraf
على أنغام باليه كسارة البندق تتمايل أقدام بخطوات مدروسة لشباب وبنات، فضلوا يتدربوا عليها الفنانين سنين كتير ممكن توصل لعمرهم كله، وبرغم إن ده أقل تمن ممكن يقدمه فنان الباليه علشان يوصل للمهنية والحرفية المطلوبة، إلا إن المجتمع مش مدي له حقه كفن مش سهل إتقانه أو احترافه. ده غير نظرة المجتمع لفنان الباليه الغنية عن التعريف فكان لازم نسأل حد من جوه المطبخ زي ما بيقولوا علشان يوضح لنا حقيقة عالم الباليه من وراء كواليس خشبة المسرح.
“مافيش شاب بيرقص على طراطيف صوابعه” دي كانت أول حقيقة صادمة حكاها لنا لؤي أحمد واللي قضى عمره كله في دراسة وتعليم فن الباليه في مصر.
بدأت حكاية لؤي من وهو لسه طفل في إبتدائي لأسرة مصرية متوسطة عادية جدًا مش من خلفية فنية، والده كان بيشتغل مهندس زراعي وهو صاحب فكرة إنه يدخل المعهد العالي للباليه في الهرم بعد ما قريب والده اللي عاش فترة طويلة في ألمانيا شجعه إنه يقدم فيه لأن من وجهة نظره الباليه فن راقي وهادف وهيكون له مستقبل.
“دخلت مع والدي على مكان المعهد العالي وفي الوقت ده كان مبنى الكونسيرفتوار كبير جدًا ومبنى المعهد العالي للباليه حوالي 3 أدوار بس صغير كده، فبابا سألني تحب تروح المبنى ده ولا ده، طبعًا عجبني المبني الأكبر فقولت له ده، لاقيته بيقول لي لا بس أنت هتدخل المبني الصغير ده، ودي قصة كل ما بفتكرها بضحك جدًا، اللي هو زي في مسرحية “سك على بناتك” لما فؤاد المهندس بيسأل أحمد راتب تشرب شاي ولا حاجة ساقعة ويختار عكس اللي أحمد راتب طلبه”.
من ساعتها بدأ لؤي رحلته في الدراسة في المعهد العالي للباليه واللي الدراسة فيه مقسومة قسمين قسم دراسة عادية زي أي مدرسة أميري وقسم دراسة الباليه، والمصاريف عادية مش مبالغ فيها خالص. وفي سنة 1997 حصل لؤي على شهادة إتمام دراسة الباليه، وبعد كده خد البكالريوس في 2001، وفي 2003 أتعين مدرس في المعهد العالي للباليه. وهو فنان بفرقة باليه أوبرا القاهرة.
بص لؤي للسقف بنظرة حنين وهو بيقول لـ كايرو 360: “كان بيجي أتوبيس المعهد ياخدني من مدينة نصر لحد الهرم الساعة 6 الصبح لأن الدراسة كانت بتبدأ الساعة 8، وفي الوقت ده كان عددنا كبير جدًا في المعهد، على عكس دلوقتي عدد الدفعة صغير بيكون حوالي 15 واحد وبقى مافيش أتوبيسات تاخد الطلبة من مناطق مختلفة وده اتسبب في أن اللي بيجوا للمعهد في الأغلب من مناطق محيطة، لكن المعهد نظام التعليم فيه جنب الباليه أميري مش بيتم تدريس اللغات فيه وده من الأسباب الرئيسية اللي خلتني أرفض أدخل ولادي المعهد برغم إن تعليم فن الباليه فيه على أعلى مستوى.”
وبرغم إن المنتشر خارج وسط فنانين الباليه إن ده شغل غير مرغوب فيه للراجل والمجتمع بيرفضه إلا إن لؤي حكى لنا جانب مختلف من القصة تمامًا: “من الحاجات اللي اتعودت عليها هي نظرة الناس لمحترف الباليه واللي مش بتفرق معايا علشان إحنا مجتمع مش بيقدر الفن بكل أنواعه، وبالمناسبة مافيش حاجة اسمها باليرينا ولد ده مصطلح خاص بالبنات بس “باليرينا تبقى بنت”، كل واحد في الفرقة له اسم وظيفي معين، أنا مثلًا وظيفتي “صوليست”.
“عمري ما حصل لي مضايقات بسبب شغلي أو حد من الزملاء حصل له كده، أنا عادة بطلت أقول مهنتي لحد ما اعرفوش تجنبًا أنه هيفضل يقول لي وبترقص على طراتيف صوابعك، طب ماتورينا كده، ده غير إن أغلب وقتي بقضيه في التدريب اللي بيكون كل يوم، جت عليا فترة كنت بروح المدرسة من 8 الصبح لأربعة، وأروح أتدرب في الفرقة من 5 العصر لـ 10 مساءً، فالموضوع مش سهل هو محتاج إلتزام وحب للفن ده”.
“وقوفي على المسرح من الحاجات اللي بتشعرني بالسعادة، حتى في التدريبات كنت بتشجع جدًا من تحفيز المدربين ليا وإنهم شايفين قدراتي، ويدففني إني أستمر وبيشجعني ويؤكد لي مستوى شغلي، وبالرغم من إننا بنتعلم حركات صعبة جدًا وبتحتاج وقت لإتقانها إلا إن أغلب الجمهور مش بيكون عنده وعي كافي بكل جوانب أداء الفن ده على المسرح وصعوبته، على عكس عروض الباليه بره مصر مثلًا تلاقي الراقص أول ما يعمل حركة صعبة الجمهور كله يسقف لأنه مدرك قد إيه الحركة دي بتاخد وقت ومجهود لحد ما تتعمل.” في سطور صغيرة حكي لنا لؤي أحمد عن التحديات اللي بتواجه فن الباليه في مصر خاصة لما بتوصل لمرحلة الاحتراف.
وزي أي فنان حياته ما ينفعش تكون من غير حب حكى لنا لؤي عن حبه الوحيد: “لما أتعرفت على مراتي واتجوزنا في 2005، رحب والدها اللي كان بيشتغل وقتها في السكة الحديد، وكنت أنا بداية معرفته بفن الباليه لأنه ماكنش يعرفه قبل كده عن قرب سمع عنه بس، وبدأنا مشوارنا في تربية ثلاث أطفال زي الملايكة مغلبينا في تربيتهم زي أي أسرة مصرية وبنساعد بعض إننا نوفر كل سبل الراحة لبعضنا حتى لما كانت أسماء بتغيير شوية في الأول من الراقصات الأجنبيات بس هي فهمت دلوقتي إن ده شغل، بس ممكن مسؤلياتي تخليني أتفرغ للتدريب مستقبلًا وأسيب الرقص في الفرقة لكن ده صعب لأني بحب اللي بعمله جدًا، وكده كده كل واحد فينا بيبطل رقص في سن معين وأنا اللي مساعدني إني لسه برقص إن لياقتي كويسة وقدرت أحافظ على نفسي في السنين اللي فاتت برغم إني تخنت شوية، لكن كمان كام سنة مش هقدر أعمل ده.”
“تعلم فن الباليه صعب زي تدريبه بالظبط وإن أختلفت بعض الحاجات، لأن الحياة على خشبة المسرح مسؤلية وإنك تكون مدرس في معهد الباليه العالي مسئولية تانية خالص، بيكون فيه تقييم سنوي لتعاملك مع الطلبة، وتقييم للطلبة نفسهم خرج منهم كام واحد يقدر يكمل في مشوار الإحترافية، على عكس المراكز الخاصة اللي اتفتحت مؤخرًا لتعليم فن الباليه سواء للكبار أو الصغار، إلا إن الإحترافية اللي موجودة في المعهد مش موجودة بنفس القدر في أي مكان تاني، خاصة إن اللي بيدرس في المعهد دكاترة بخلاف اللي بيدرسوا في المراكز مش شرط يكونوا كده، وعلى فكرة المعهد بيقدم دروس باليه للكبار برضه وبتكون في أيام الويك إند غير الدراسة”.
ختم لؤي كلامه مع كايرو 360 وهو بيشرح لنا صعوبة إن الواحد يعلم الأجيال الجديدة برغم المتعة اللي في الموضوع إلا إنهم بيدروسوا مواد كتير جدًا منها التشريح وعلم النفس التربوي على بسيط علشان يلموا بكل الجوانب اللي بيحتاجها الرقص.