سفاح الجيزة.. سيكودراما بطعم “الجوع”!
أحمد فهمي تفاصيل سفاح الجيزة حلقات سفاح الجيزة قصة سفاح الجيزة مسلسل سفاح الجيزة نقد سفاح الجيزةمش محتاجين نتفرج على كل حلقات مسلسل سفاح الجيزة علشان نقول إنه نجح. ترندات السوشيال ميديا -الحقيقية مش المفبركة- ومعدلات المشاهدة على منصة شاهد مُنتجة المسلسل، وحتى كلام الناس مع بعض في الشارع وتحويل اللقطات لميمز، والفيديوهات على تيك توك، كل دي حاجات بتقول إن (سفاح الجيزة) المسلسل القصير المعروض حصريًا على منصة شاهد قدر يحقق النجاح. تعالوا نناقش مع بعض ليه النجاح ده حصل، وهل معنى نجاح المسلسل أن مالوش نقاط ضعف؟
السبب الأول من وجهة نظرنا في نجاح المسلسل هو الكتابة، بنتكلم هنا عن محمد صلاح العزب، صاحب أعمال زي (رانيا وسكينة) و(هوجان) وغيرها، وهو اللي أشرف على ورشة كتابة مكونة من عماد مطر وإنجي أبو السعود.
كتابة “العزب” قدرت تستفيد من القصة الحقيقية لسفاح الجيزة (قذافي فراج) علشان يضع الخيوط العريضة لقصة مسلسلة، معنى كده أننا مش بنتفرج على القصة الحقيقية بالكامل، لكن بنتفرج على عمل مستوحى من القصة الحقيقية، واللي أصبحنا كلنا عارفينها بعد عرض المسلسل.
“العزب” عامل تفاصيل بسيطة جدًا، مش كل الناس لاحظتها، زي وجود الطعام كعامل مشترك في طفولة السفاح، وفي نهمه للأكل في الفترة اللي ارتكب فيها جرائمه، ودي تفصيلة لاحظتها الكاتبة هبة عبد اللطيف اللي بتقدم متابعة وتحليل مستمر للمسلسل بشكل ممتاز. واللي بتقول في منشور على فيسبوك إن الأكل كان “جزء نفسي وثيق بالسفاح من وهو طفل، لو ركزت كده في مشهد قتل أمه لأبوه كان فيه طبلية محطوطة وأمه بتجهز الأكل عليها، الولد التصقت بذاكرته فكرة الأكل والطبخ من الجزء ده، غير الجزء بتاع مشهد وهو بيسرق السندوتشات من أمه، وده في لحظة جوع هو مر بيها، وهنا هنقف شويه عند “الجوع” اللي اتحول لهلع بالنسبة للسفاح وأنه دايمًا خايف وجعان.. اتنين من أخطر المشاعر الانسانية الجوع والخوف”.
خلونا نسيب كلام “هبة” ونرجع لملامح الشخصية، واللي حسب السيناريو فيها تفاصيل كتير، تبدو بسيطة لكن لها معنى مهم جدًا، زي تعمد السفاح أن يكون له مظهر ديني ملتزم، ونغمة محمول لها طابع ديني، كل دي حاجات بيستعملها علشان يعطي ضحاياه الأمان، وده وضع المسلسل في مرمى نيران بعض الناس اللي مافهمتش أن المقصود هو تحذيرهم من الناس مُدعية التدين، وهي النقطة اللي وضحها محمد صلاح العزب في حلقة بودكاست عن المسلسل.
كل ده كان ممكن يضيع، لو مش معانا مخرج فاهم شغله كويس زي هادي الباجوري، قدر يحول التفاصيل الصغيرة لواقع على الشاشة، وقدر يوجه فريق التمثيل اللي معاه علشان نخرج منهم بأفضل نتيجة ممكنة. والحقيقة أن هادي له أعمال أكثر من رائعة زي فيلم (هيبتا) وفيلم (الضيف) على سبيل المثال لا الحصر.
عندنا مشكلة أساسية في أداء أحمد فهمي التمثيلي، على الرغم من المجهود اللي قام بيه علشان يمسك بتفاصيل الشخصيات اللي بيقدمها، لأننا هنا أمام أكثر من شخصية مش شخصية واحدة، واهتمامه بعمل لزمات كلامية/حركية للشخصيات اللي بيقدمها، لكن أحيانًا كان بيقدم مشاعر (حيادية) في وقت المفترض يكون تعبيره فيها مُختلف أو حيوي أكتر.
إحنا فاهمين كويس أنه مركز على نقطة أن السفاح شخص يتسم بالهدوء الشديد واللامبالاة. بس كفاية لحد كده لا مبالاة يا فهمي علشان اللي بيزيد عن حده بيتقلب لضده.
عدوى الهدوء المبالغ فيه وصلت لباسم سمرة في دور محقق الشرطة حازم. واللي كان ممكن نشوف أحسن من كده في مشاهد علاقته بابنه، لكن انفعالاته كانت أهدى من اللازم.
في المقابل عندنا أداء أسطوري من ركين سعيد، فنانة اردنية بتختار أعمالها بعناية شديدة، ولفتت نظرنا في مسلسل ريفو وفي مسلسل أزمة منتصف العمر، وطبعًا دورها اللي لا ينسى في مسلسل (واحة الغروب)، والحقيقة أن (ركين) تستحق اهتمام أكبر من المنتجين المصريين، ومساحة أدوار أكبر، لأنها موهبة تستحق الإشادة.
داليا شوقي اللي كانت محط تريقة ناس كتير بسبب مشهد البكاء الخاص بها، إحنا الصراحة مش شايفينه وحش، وشايفين داليا من المواهب الواعدة اللي ممكن يطلع منها أحسن بكتير لو اشتغلت على نفسها أكتر واهتمت بتحسين موهبتها التمثيلية.
ريم حجاب موهبة مصرية خالصة، مش مُسلط عليها الضوء كما ينبغي، قدرت تقدم دور قصير لكن ممتاز، كمثال حي للإنسانة اللي معندهاش أي حذر من الأخرين وممكن تسلم فلوسها لأي شخص لمجرد شعور زائف بالثقة، وهي دي رسالة المسلسل الأساسية: ماتعطوش ثقة زايدة في أي شخص لمجرد أن ملامحه الخارجية هادية، أو يبدو أنه إنسان متعاون أو متدين، لأن تقلبات النفس البشرية مُرعبة. والدراما المستمدة من الواقع ممكن تكون مرعبة أكتر من الدراما الخيالية. وقصة سفاح الجيزة تشهد على ده.