احتفالًا بعيد ميلاده الـ29.. “عمر” قرر يمشي عدد سنوات عمره بالكيلومتر في وادي دجلة
اكتشاف النفس الصحفي عمر عبد العزيز رحلة في البرية فيلم سول وادي دجلةMohamed Talaat
تورتة وهدايا ولمة أصحاب، دي باختصار شديد طريقتنا التقليدية في الاحتفال بأعياد ميلادنا كل سنة، لكن الأمر كان مختلف تمامًا بالنسبة للصحفي المصري الشاب عمر عبد العزيز، اللي قرر يحتفل بعيد ميلاده في مكان غير تقليدي، وهو محمية وادي دجلة بالقاهرة، واللي قرر يمشي في دروبها عدد سنوات عمره بالكيلومتر بين الطبيعة، وبعيد تمامًا عن صخب الحياة، في محاولة لاكتشاف نفسه. تجربة إنسانية بتشبه قصة الكاتبة الأمريكية شيريل سترايد، مؤلفة السيرة الذاتية “وايلد”، لكن مع اختلاف الظروف والتفاصيل.
بيحكي عمر عبد العزيز عن التجربة وبيقول: “بقالي سنين بخطط للسفر في الوقت ده كل سنة، بعيدًا عن أي أجواء تقليدية، أو لحظات من جلد الذات على السنة اللي عدت، وقررت من سنتين أقضي الوقت ده في الطبيعة، سواء في تسلق جبال، أو الهايكنج، أو التخييم، وطبعًا عشان الحياة مش بتمشي على هوانا، قضيت عيد ميلادي السنة اللي فاتت في الشغل، وأخر مرة عرفت أسافر كان في سنة 2019، لطلوع واحدة من قمم جبل علبة ضمن جولة في مثلث حلايب وشلاتين وأبو رماد”.
وبيكمل عمر حكايته: “السنة دي كنت مخطط أعمل الـ3 حاجات الأقرب لروحي، هايكنج، تخييم، تسلق جبال، في واحد من مسارات سلسلة جبال البحر الأحمر. بس ظروف فيروس “كورونا” المستجد، وتأخر وصول خيمتي من الخارج، خلاني أفضل الهايكنج في محمية وادي دجلة. لكن بغض النظر عن المكان والظروف، الخلوة في الطبيعة أهم حاجة بالنسبة لي”.
وعن رؤيته للمشي في الطبيعة بيقول عمر: “المشي في الطبيعة، فرصة للخلوة، بعيدًا عن الدوشة والمشتتات، كأنك حطيت الحياة بكل تعقيدتها On Hold لمجرد ساعات أو أيام، تستعيد فيها روحك من التفاصيل اللي بتستنزفها يومياً. تخيل تمشي حوالي 8 ساعات ونص، في سكون تام، في وادي من التكوينات الصخرية، والحفريات، والنباتات، وبعض الزواحف والثعالب لو صادفتها، مابتسمعش غير صوت وقع رجليك في رتابة على الرمل والصخور، وتغريد بعض الطيور زي الأبلق، مع انقطاع جميل وشبة تام لشبكة الموبايل”.
بيتابع عمر: “في العادي دي هتكون فرصة مثالية للتفكير، خصوصًا أن وجود عيد ميلادي بعد أكثر من أسبوع على بداية السنة، بيخلي الفترة دي مساحة للمراجعة والتخطيط. بس نزول فيلم “Soul” في نهاية 2020، مع استمرار تفشي “كورونا”، غيروا لي تفكيري”.
“معاني الفيلم ببساطة كانت أكتر حاجة شغلاني طول مسار المشي لمسافة حوالي 29 كيلومتر. فكرة المعافرة والسعي وراء هدفك، أو شغفك، أو “شرارتك” زي ما بيسميها الفيلم، مش أفضل حاجة ممكن نعملها. الحياة في ذاتها المفروض تبقى هي المغزى. وساعات شغفنا ورغبتنا، بتخلينا مانستمتعش بالحياة نفسها، في مقابل التفكير طول الوقت في حسابات المكاسب والخسائر، والفرص الضائعة، والأحلام المؤجلة” بيقول عمر وبيكمل “لكن Soul، ووفاة بطله بشكل ساخر ومفاجئ قبل ما يحقق حلمه، ومحاولته لاستعادة حياته عشان يحقق شغفه، قبل ما يكتشف في سياق درامي بسيط ورائع لتجسيد وتفكيك افكار الحياة/الموت/الحياة بعد الموت/الشغف/السعادة، بعدم الشعور بالسعادة والتحقق عكس المتوقع، بعدما وصل لحلمه في النهاية”.
وبالنسبة لعمر: وضع كورونا، ومعايشة الموت أو الفقد فجأة، اللي طول الوقت بنحس أنه بعيد عننا لغاية ما يصدمنا. خلوني مفكرش في خطط وإنجازات عظيمة للسنادي، في مقابل محاولة السعى الغير مشروط، عملاً بمبدأ “لا يكلّف اللَّه نفساً إلا وُسعها”ومحاولة للتكيّف، والرضى بأقل القليل”.
وفي نهاية تجربته بيقول عمر: كان على بالي طول المسار كالعادة: “اللهم امنحنا قوة التخلي، ويقين الترك، وإرادة المضي قُدماً، وعصمة النظر للخلف، وبراح الفرص الثانية”.